المسؤولية القانونية عن الاخطاء الطبية في ظل التشريع البحريني

 

رغم التطور الهائل والإنجازات التي توصل اليها العالم في مجال الطب سواء من ناحية التشخيص او العلاج، إلا أن مخاطر الأخطاء الطبية التي قد تودي بحياة الكثير من المرضى قد تعددت، ولهذا السبب فقد وجدت قوانين منظمة لمهنة الطب تهدف إلى المحافظة على سلامة الإنسان وحمايته من أي اهمال اداري او أخطاء طبية قد تحصل من قبل الأطباء بحق مرضاهم، هذا مع التسليم بأن من الوارد في مهنة الطب شأنها في ذلك شأن باقي المهن حدوث أخطاء، وذلك انسجاماً مع طبيعة الإنسان غير المعصومة عن الخطأ.

 

تعريف الخطأ الطبي

بداية وحتى نتمكن من الوقوف على مسؤولية الطبيب لا بد من تعريف الخطأ الطبي، والملاحظ أن نصوص القانون خالية من أي تعريف للخطأ الطبي، وانما اكتفى المشرع بذكر صور وامثلة مختلفة للخطأ الطبي بشكل عام، وهي صور وردت على سبيل المثال لا الحصر، فالمادة (27) من المرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1989 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان قد حددت مسؤولية الطبيب في الحالات التالية:-

1-    إذا ارتكب خطأ أدى إلى الأضرار بالمريض نتيجـة الجهل بأمور فنية أو عملية يفترض في كل طبيب الإلمام بها.

2-    إذا لحق ضرر بالمريض نتيجة لإهمال الطبيب أو تقصيره في العناية به.

3-    إذا أجرى على مرضاه تجارب أو أبحاثا علمية غير معتمدة من قبل وزارة الصحة، وترتب على ذلك الأضرار بهم.

وتختص اللجنة المنصوص عليها بالمادة (5) من هذا القانون بتقرير حدوث الأخطاء المشار إليها.

ونستخلص مما سبق، أن المشرع قد حدد بشكل أساسي صور الأخطاء الطبية التي يقع بها الطبيب نتيجة ممارسة الأعمال الطبية دون الدخول في المسائل الفنية التي تركها لأهل الخبرة من الأطباء لكشف بعض الجوانب الفنية التي قد تتصل بالخطأ وتوضح مسؤولية الطبيب عن أعماله.

 

المسؤولية القانونية عن الأخطاء الطبية وما أنواعها

ان مهنة الطب في أساسها قائمة على المسؤولية، بحيث يجب على الطبيب أن يكون ذو خبرة وكفاءة وعلم عند ممارسة مهنة الطب، وفى حال الإخلال بأي مما سبق وترتب على هذا الإخلال ضرر أو شكل جريمة وفق قانون الدولة، فيجد الطبيب نفسه أمام مسؤولية قانونية أما تجاه المريض أو تجاه الدولة، والجدير بالإشارة أيضاً أن المسؤولية القانونية عن الأخطاء الطبية تنقسم إلى ثلاثة أنواع، وهي المسؤولية المدنية والجنائية والتأديبية ونبين ذلك على النحو الوارد أدناه:-

 

أولاً: المسؤولية التأديبية

وهي المساءلة عن إخلال الطبيب بسلوكه المهني الذي نصت عليه أخلاق وآداب المهنة من الصدق والإخلاص وغيرها، وقد نصت المادة  (30) من القانون المذكور أعلاه على أن “مع عدم الإخــلال بالمسئولية الجزائية أو المدنية، تتولى اللجنة المشار إليها في المــادة (5) من هذا القانون، المحاكمة التأديبية للمرخص لهم في ممارسة المهنة، وذلك فيما يرتكبون من مخالفات لأحكام هذا القانون، أو لأصول ومقتضيات وآداب المهنةونص القانون أيضاً على عدد من العقوبات التأديبية في المادة (31) وهي العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها في حالة المخالفات المهنية هي:

1-    الإنذار.

2-    الإيقاف عن العمل لمدة لا تجاوز سنة واحدة.

3-    إلغاء الترخيص بمزاولة المهنة، وشطب اسم المخالف من سجل وزارة الصحة.

ويترتب على توقيع إحدى العقوبتين الأخيرتين، غلق العيادة الخاصة المرخص للمخالف في فتحها إن وجدت.

 

ثانياً: المسؤولية المدنية

وتعرف المسؤولية المدنية بأنها إخلال الشخص بالتزام يقع على عاتقه بموجب القانون، وينتج عن هذا الإخلال ضرر لشخص آخر، وهذا الضرر يتطلب التعويض لجبره. وينشأ الالتزام في عمل الطبيب من القوانين المنظمة لمهنة الطب، بالإضافة إلى العقد الطبي بين الطبيب والمريض، حيث يلتزم الطبيب ببذل العناية الطبية المطلوبة وتقديم العلاج اللازم للمريض. فإذا ارتكب الطبيب أي خطأ طبي ونتج عنه ضرر للمريض فيترتب على ذلك قيام المسؤولية المدنية (تقصيرية أو عقدية) على الطبيب، ويلتزم الطبيب بجبر الضرر عن طريق التعويض المادي.

 

ثالثاً: المسؤولية الجنائية

ان المسؤولية الجنائية في أساسها تقوم في حال مخالفة أي شخص لقاعدة قانونية او ارتكاب لفعل مجرم بنص قانوني في الدولة، وبالنسبة لمهنة الطب فتقوم فيها المساءلة الجنائية عما يرتكبه الطبيب من أفعال مجرمة قانوناً، فيكون الطبيب مسئولاً عند ارتكابه أحد الأفعال التي تشكل جريمة في القانون، مثل اجراء عملية الإجهاض، الاتجار بالأعضاء البشرية، افشاء اسرار المرضى وغيرها من الأفعال التي حددها القانون.

بالإضافة إلى الجرائم العامة والتي يتم العقاب عليها وفقاً لأحكام القانون، فقد نصت المادة 29 من المرسوم بقانون 7 سنة 1989 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الاسنان على أن “مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها في قانون العقوبات أو أي قانون أخر، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تزيد على ألفى دينــار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع وجوب غلق العيادة التي يزاول فيها المخالف أعماله، ومصادرة ما يكون فيها من مهمات وآلات ولافتات وغير ذلك:-

1-    كل من زاول مهنة الطب، أو أدار عيادة بدون ترخيص.

2-    كل من قدم بيانات غير صحيحة أو لجأ إلى طرق غير مشروعة، ترتب عليها منحه ترخيصا بمزاولة مهنة الطب، أو القيد في السجلات الخاصة بها بدون وجه حق.

3-    كل من انتحل لقب طبيب أو غير ذلك من الألقاب التي تطلق على مزاولي مهنة الطب، دون أن يكون مؤهلا لذلك.

4-    كل شخص غير مرخص له في ممارسة المهنــة، يستعمل نشرات، أو لافتات، أو لوحات، أو أية وسيلة أخرى من وسائل النشر، إذا كان من شأن ذلك أن يحمل الجمهور على الاعتقاد بأن له الحق في مزاولة المهنة.

وفي جميع الأحوال تغلق العيادة إداريا، لحين الفصل في الدعوى الجزائية”.

 

ونود في هذا الصدد ان نتوجه باقتراح وذلك على غرار الكثير من الدول، بإلزام جميع الأطباء العاملين في المؤسسات الصحية العامة والخاصة بالتأمين ضد الأخطاء الطبية وذلك لحفظ حقوق المرضى المتضررين لضمان التعويض لهم، وفي المقابل لا يمكن القول ان التأمين الطبي ضد الأخطاء الطبية سيحمي الطبيب من عواقب اخطاءه وتجعله يتقاعس اثناء عمله وأداء التزامه على أكمل وجه، لان المساءلة للطبيب لا تقتصر على المساءلة المدنية المتمثلة في التعويض المادي فقط، بل تتعداها الى المسؤولية الجنائية والتأديبية كما ذكرنا ذلك سالفاً. 

Recommended Posts