المرأة في قانون العمل البحريني
انطلاقاً من حرص مملكة البحرين على اعلاء حقوق الانسان وحظر التمييز القائم على كافة المستويات ومنها التمييز على أساس الجنس فإن وضع المرأة في أي مجتمع يعد معياراً أساسياً يعكس درجة تقدمه ومدى تفاعله مع معطيات العصر الحديث بكل ما يحمله من قيم الديمقراطية واحترام المواطنة ودعم قضايا حقوق الإنسان. جاء ميثاق العمل الوطني ودستور المملكة المعدل لعام 2002 ليؤكد مشروعية حقوق المرأة البحرينية، حيث أنّ التعديلات التي أدخلت على الدستور الصادر في عام 1973، على أهمية تحقيق مبدأ المساواة بين جميع المواطنين دون أي تمييز بينهم في الحقوق والواجبات بسبب الجنس، أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، الأمر الذي أسهم في دعم دور المرأة وتعزيز مكانتها في المجتمع البحريني.
وتماشياً مع هذه التعديلات، فقد انعكس هذا المفهوم على حقوق المرأة في قانون العمل البحريني، في القطاع الأهلي الصادر بالمرسوم بقانون رقم (36) لسنة 2012 على تمتع المرأة بكافة الحقوق في مجال العمل أسوةً بالرجل، إذْ أورد تعريف العامل بأنه: (كل شخص طبيعي يعمل لقاء اجر لدى صاحب عمل وتحت إدارته أواشرافه).
وبالرغم من حرص الدستور وقانون العمل على مساواة المرأة بالرجل في مجال العمل سواء في الحقوق او الواجبات إلا أنّه خص المرأة ببعض الاحكام الخاصة التي تتوافق مع طبيعتها ودورها الرئيسي الذي تؤديه في المجتمع والاسرة بهدف توفير المزيد من الحماية لها. فقد أورد المشرع في قانون العمل جملة من التعديلات التي وسعت من نطاق الحقوق والضمانات الممنوحة للمرأة ونذكر منها:
– منح المرأة العاملة إجازة وضع مدفوعة الاجر بمقدار 60 يوم بالإضافة الى 15 يوم بدون اجر (المادة 32/أ).
– منح المرأة العاملة فترتي رعاية للطفل لا تقل كل منهما عن ساعة واحدة (أي بمجموع ساعتين) حتى يبلغ الطفل من العمر ستة أشهر، وفترتي رعاية لا تقل كل منهما عن نصف ساعة حتى يبلغ الطفل عامه الأول مع جواز ضم الفترتين (المادة 35).
– حظر فصل العاملة او انهاء عقد عملها بسبب الزواج او اثناء إجازة الوضع (المادة 33).
– تشديد العقوبة المقررة على مخالفة الاحكام والقرارات الخاصة بتشغيل النساء لتصبح الغرامة لا تقل عن مائتي دينار ولا تتجاوز خمسمائة دينار (المادة 187) .
إضافة الى ذلك فقد استحدث القانون ضمانات وحقوق أخرى للمرأة نذكر منها :
– حظر تشغيل العاملة خلال الأيام الأربعين التالية للوضع (المادة 32/ب).
– حق العاملة في الحصول على إجازة بدون اجر بحد اقصى ستة أشهر في المرة الواحدة وثلاث مرات طوال مدة خدمتها لرعاية طفلها الذي لم يتجاوز من العمر الست سنوات (المادة 34).
– حق المرأة العاملة في الحصول على إجازة عدة الوفاة مدتها شهر مدفوعة الاجر ويحق لها استكمالها لمدة ثلاثة أشهر وعشرة أيام من رصيد اجازاتها السنوية فإن لم يكن لها رصيد فلها الحصول على اجازة بدون أجر (المادة 63/ج).
– اعتبار فصل العاملة او انهاء عقد عملها بسبب الزواج او اثناء إجازة الوضع فصلاً تعسفياً (المادة 104).
ايضاً كذلك فقد جاء المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 2021 بتعديل بعض احكام قانون العمل في القطاع الأهلي بإضافة فقرة ثانية الى المادة (39) لغايات حظر التمييز في الاجور بين العمال والعاملات في العمل ذي القيمة المتساوية.
كما ألغى المرسوم بقانون السابق المادتان (30) و (31) من قانون العمل والتي كانتا تتضمنان إصدار قرار بتحديد الأحوال والاعمال والمناسبات التي لا يجوز فيها تشغيل النساء ليلاً وتحديد الاعمال التي يحظر تشغيل النساء فيها. أي انه بإلغاء هاتين المادتين أصبح للنساء والرجال فرص متكافئة للعمل في كافة الاعمال على حد سواء.
تجدر الإشارة إلى أن المرأة البحرينية بدأت العمل في القطاع الخاص في الخمسينات، ثم بدأت بعد ذلك بامتلاك السجلات التجارية ودخول مجال ريادة الأعمال في الستينات، وتؤكد النتائج الإحصائية الرؤيا الواضحة للوضع الراهن للمرأة بمملكة البحرين في القطاع الخاص، حيث ارتفعت نسبة مشاركة المرأة البحرينية من اجمالي العاملين البحرينيين في القطاع الخاص ومجال الأعمال الحرة، من 24% عام 2001 لتصل إلى 35% وفق بيانات الربع الثاني للعام 2023 الصادرة عن المجلس الأعلى للمرأة. كما تبوأت المرأة البحرينية مناصب قيادية عديدة في مؤسسات القطاع الخاص كرئيسة تنفيذية، ورئيسة لمجالس الإدارة وعضوة في مجالس الادارة، واستطاعت أربع نساء الفوز في انتخابات مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة البحرين في عام 2014 وبنسبة 22%. كما أخذت المرأة تنخرط في مجالات عمل جديدة لم تكن تشارك فيها سابقاً مثل قيادة سيارات الأجرة وتدريب السياقة وصياغة المجوهرات. كما أوضحت المؤشرات بأن نسبة مشاركة المرأة في التعليم الحكومي والخاص تبلغ حوالي 50%.