مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة في الشركات المساهمة

نظراً لتزايد انتشار الشركات المساهمة واهميتها كونها تلعب دوراً رئيسياًفي إنعاش الحركة الاقتصادية في المملكة حيث نرى بأن أكثر المشاريع التجارية الضخمة قد أنشأت في صورة شركات مساهمة، لذا فقد أصبح من الضروري مراقبة وضبط أجهزة إدارة هذه الشركات إذ إن أي تجاوز يصدر من الرئيس او أعضاء مجلس الإدارة قد ينتج عنه أضرار للمساهمين او الغير او أصول الشركة ذاتها مما يعرقل معه سير هذه الشركات وانحرافها عن الهدف الذي أنشأت من اجله.

وقد صدر ميثاق وإدارة حوكمة الشركات في سنة 2018 الذي وضع منهج لقيادة الشركات المساهمة وتوجيهها والرقابة على اعمالها كما يشتملأيضاً على آليات لتنظيم العلاقات المختلفة بين مجلس الإدارة والمديرين التنفيذين والمساهمين وأصحاب المصالح وذلك بوضع قواعد وإجراءات خاصة لتسهيل عملية اتخاذ القرارات وأسس المتابعة لتقييم ومراقبة الأداء واضفاء طابع الشفافية والمصداقية على اعمالها وانشطتها بغرض حماية حقوق المساهمين وأصحاب المصالح، وتحقيق العدالة والتنافسية والشفافية. 

وحيث أن مجلس الإدارة هو الجهاز التنفيذي الذي يقوم بتسيير أمور الشركة ويضع توصيات وقرارات الجمعية العامة للمساهمين موضع التنفيذ فقد اولى المشرع البحريني أهمية خاصة وأورد باباً خاصاً في قانون الشركات رقم (21) لسنة 2001 للشركات المساهمة ونص في البند السابع منه على ضوابط واشتراطات لمجلس إدارة الشركة المساهمة ابتداءً من الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الإدارة وطرق اختيارهم وتعيينهم ومن ثم واجبات واختصاصات الأعضاء والتزاماتهم الرئيسية.وقد أجريت عدة تعديلات على هذا القانون فيما يتعلق بالشركات المساهمة لتتوافق مع ميثاق وإدارة حوكمة الشركات لتفعيل هذا الميثاق وترسية المبادئ التي تضمنها. 

ولإضفاء الحماية على مصالح المساهمين فقد تضمنت المادة (187) من قانون الشركات التي جرى تعديلها عدة مرات آخرها بموجب المرسوم بقانون رقم (28) لسنة 2020 على مسؤولية أعضاء مجالس الإدارة في الشركات المساهمة العامة بسبب الأخطاء التي تنشأ عنها اضرار تلحق بالمساهمين ونصهذا التعديل في الفقرة (ب)منه على انه لكل مساهمأن يرفع دعوى المسؤولية منفرداً في حال عدم قيام الشركة برفعها على أعضاء مجلس الإدارة اذا تسبب الخطأ في الحاق ضرر خاص به كمساهم، ولإضفاء حماية اكثر للمساهمين فقد أضاف التعديل رقم (1) لسنة 2018 بأن أي شرط يمنع رفع دعوى المساهم فإن هذا الشرط يقع باطلاً ولا يعتد به. كما اعطى الحق للمساهم عند رفع دعواه بأن يطلب من المحكمة إلزام عضو مجلس الإدارة أو الغير بأن يقدم أي مستندات او محررات ذات علاقة بموضوع الدعوى وذلك دون الحاجة لتحديد ماهية المستند ومدى صلته بالموضوع أي انه أطلق حرية طلب تقديم المستندات دون قيد او تحديد.

أيضا جاء نص المادة (189) في البند (ج) المعدل بقانون رقم (1) لسنة 2018 بعدم جواز وجود مصلحة شخصية مباشرة او غير مباشرة لرئيس او أعضاء مجلس إدارة الشركة في العقود والتصرفات التي تكون الشركة طرفاً فيها إلا بموافقة من مجلس الإدارة.  وفي حال كانت شروط العقد او التصرف غير عادل او ضار بمصالح المساهمين فإن المحكمة تحكم بإلزام عضو مجلس الإدارة صاحب المصلحة بالتعويض وأن يقوم برد أي ربح او منفعة تحققت له من هذا العقد او التصرف الى الشركة كما للمحكمة ان تحكم بحرمانه من تولي أي منصب إدارة في أي شركة أو تمثيلها لمدة لا تقل عن سنة واحدة ولها ان تحكم ببطلان العقد او التصرف، كما ان المشرع ولغاية منع أي من أعضاء مجلس الإدارة بالقيام بأي تصرف يضر بالمساهمين فقد نص على مسائلة باقي أعضاء مجلس الإدارة بالتضامن مع صاحب المصلحة المخالف وذلك في حال موافقتهم على العقد او التصرف الذي قام به وذلك بموجب التعديل بموجب المرسوم بقانون رقم (28) لسنة 2020 في الفقرة (د) من المادة (189).

كما حدد قانون الشركات في المادة (185) منه بأن مسئولية رئيس وأعضاء مجلس الإدارة ومديري الشركة تجاه الشركة والمساهمين والغير تقوم وفقاً لنص المادة (18) مكرر من ذات القانون ويكون المؤسس او الشريك او مالك رأس المال او مدير الشركة او عضو مجلس الإدارة مسؤولاً في جميع أمواله الخاصة عن اية اضرار تصيب الشركة او الشركاء او المساهمين او الغير في أي من الحالات التي حددت في هذه المادة على وجه والحصر وهي كما ذكرها القانون:

  • إذا قدم بيانات او معلومات غير صحيحة عن رأس مال الشركة في عقد تأسيسها او نظامها الأساسي او في تعاملاتها مع الغير او أي من وثائقها يكون من شأنها التأثير في الثقة المالية بالشركة.
  • إذا استغل الشركة لأغراض الغش او لأغراض غير مشروعة.
  • إذا تعامل مع أموال الشركة على انها من أمواله الشخصية.
  • إذا لم يفصل بين مصلحته الشخصية ومصلحة الشركة.
  • إذا تسبب في ترتيب التزامات على الشركة، رغم علمه اليقيني او المفترض بان الشركة غير قادرة على أداء تلك الالتزامات وقت استحقاقها، او كان ترتيب تلك الالتزامات بسبب إهماله أو خطئه الجسيم.
  • إذا خالف احكام القانون او عقد تأسيس الشركة او نظامها الأساسي.

ولا تنتفي هذه المسؤولية بموجب الحالات المذكورة أعلاه عن عضو مجلس الإدارة اذا كانت المخالفة قد وقعت نتيجة قرار تم اتخاذه في اجتماع لمجلس الإدارة او الجمعية التأسيسية او الجمعية العامة إلا اذا اعترض على القرار الذي رتب المسؤولية واثبت اعتراضه في محضر الجلسة كما لا يعتبر الغياب عن حضور الجلسة التي صدر فيها القرار سبباً للإعفاء من المسؤولية الا اذا ثبت عدم علمه به او عدم استطاعته الاعتراض عليه.

وهذه المسؤولية تكون وفقاً لذات نص المادة (18) اما مسئولية شخصية تلحق المؤسس او الشريك او مالك رأس المال او المدير او عضو مجلس الإدارة، او تكون مسؤولية مشتركة على وجه التضامن في حالة تعدد من ارتكبوا المخالفة.

وقد درجت المحاكم على تطبيق التعديلات الواردة على احكام قانون الشركات في الدعاوى المنظورة امامها تحقيقاً للغاية منها بإضفاء الحماية على مصالح المساهمين وضمان سير عمل الشركات بنزاهة وشفافية والحد من صلاحيات أعضاء مجلس الإدارة بأن وضع شروطاً وقيوداً لأعمالهموألزمهم بالالتزام بها والتقيد بما جاء به ميثاق إدارة حوكمة الشركات.

Recommended Posts